"استمرار التهديدات التركية خير دليل على عدم استعداد أنقرة لسحب قواتها من سوريا"

قال الباحث السياسي المصري محمد صابر، أن "استمرار التهديدات التركية بشن عملية عسكرية جديدة خير دليل على عدم استعداد وقابلية "أنقرة" لسحب قواتها من الشمال السوري".

أجرت وكالة فرات للأنباء لقاءً مع الباحث السياسي المصري محمد صابر، للحديث حول دعوات تركيا بإجراء محادثات مع دمشق، والتهديدات الاحتلالية التركية المستمرة لشمال وشرق سوريا، والهجمات على المهاجرين السوريين في تركيا.

وفي بداية حديثه، قال الباحث السياسي المصري محمد صابر أن "دعوات أردوغان للمصالحة مع الحكومة السورية ليست بتحول طارئ إنما اتخذت هذه الدعوات مراحل عديدة متكررة منذ أغسطس/ آب 2022 أي ما يقارب عامين، خاصة لما يحققه التقارب مع "دمشق" من مصالح سياسية واقتصادية"، مشيراً إلى أنه "في الوقت الحالي يبدو أن تزايد هذه الدعوات وتكليف أردوغان لوزير الخارجية "هاكان فيدان" بترتيب لقاء مع "بشار الأسد" مرتبط بالمكاسب التي حققتها الإدارة الذاتية الديمقراطية مؤخراً، والهواجس التركية حيالها، خاصة فيما يتعلق بانتخابات المجالس البلدية".

وذكر "صابر" أن حكومة دمشق منفتحة لأي محاولات ومقاربات لإعادة العلاقات مع "أنقرة"، وهو ما ورد في تصريحات بشار الأسد، وقال: "لكن تبقى هذه المحاولات محل التفاوض فقط إلى أن يتم الاتفاق حول الشروط السورية المتعلقة بانسحاب القوات الأجنبية المتواجدة بشكل غير شرعي، والمتمثلة في قوات تركية وأخرى أمريكية من الشمال السوري، وهناك توافق في "دمشق" حول ذلك".

وأضاف الباحث السياسي المصري: "لا أعتقد أن الحكومة السورية قد تقبل بأي تسويات دون انسحاب القوات التركية توقفها عن دعم الميليشيات المسلحة وخاصةً في إدلب، والتي اتْهِمَت بتورطها في هجوم المسيرات على الكلية الحربية في حمص بالخامس من أكتوبر/ تشرين الأول 2023"، مشيراً إلى أنه "ليس من السهل أن تقبل "دمشق" بالمصالحة دون ضمان إنهاء الاحتلال التركي، وتخلي تركيا عن كافة صور الدعم الذي تقدمه للميليشيات المسلحة المعارضة للحكومة السورية".

وقال "صابر" أنه لا يبدو أن تركيا تفكر في قرار الانسحاب في الوقت الحالي من الأساس، وهو ما يجعل دعوات المصالحة التركية - السورية مجرد دعوات شكلية ذات أهداف سياسية بالدرجة الأولى، قد تكون للضغط على واشنطن والغرب في بعض الملفات، أو لجني مكاسب إزاء تزايد انتقادات المعارضة للحكومة التركية مؤخراً، وتراجع شعبية حزب العدالة والتنمية، مما يدفع الرئيس التركي "طيب أردوغان" إلى محاولة تبني سياسات "تصفير المشكلات" ولكن لم يتم الترتيب وذكر استعداد "أنقرة" لسحب قواتها من الشمال السوري حال التفاهم مع الحكومة السورية، لأنها تخشى في ظل استمرار التفاهمات بين "دمشق" والإدارة الذاتية الديمقراطية برعاية روسية.

وأشار الباحث السياسي المصري محمد صابر إلى أن التقارب السوري - التركي مصدر تهديد لبقاء مرتزقة تركيا "المعارضة السورية المسلحة"، وقال: "يبدو أن الأخيرة لن تقبل بهذه المصالحة وستعمل باستمرار على زيادة الاضطراب بملف اللاجئين السوريين في تركيا، أما مسألة العنصرية ضد السوريين والعرب عموماً فهي بالأساس قد انتشرت مؤخراً في تركيا بشكل واسع، خاصةً مع تزايد أعداد اللاجئين السوريين".

وأكد أن استمرار التهديد التركي بعملية عسكرية جديدة خير دليل على عدم استعداد وقابلية "أنقرة" لسحب قواتها من الشمال السوري، بل ورغبتها في التوسع أيضاً، بصورة تهدد الحكومة السورية والإدارة الذاتية معاً، وبالتالي يبدو أن تركيا تسعى لتحقيق مصالح سياسية بحتة على آثر الحديث عن رغبتها بالتقارب مع الحكومة السورية، لكن لا توجد النية الحقيقية لتحقيق الشروط السورية لهذا التطبيع.

وفي ختام حديثه، قال الباحث السياسي المصري: "يبقى الشعب السوري المخلص لوطنه بمختلف الأديان والأعراق ضحية المطامع التركية ومصالح القوى الكبرى المهيمنة والمنخرطة بالصراع السوري".